في قلب مدينة وجدة، وعلى أرضية المجلس العلمي المحلي، شهدت القاعة صباح يوم الثلاثاء 23 سبتمبر حفلًا بهيجًا لا يقل أهمية عن أي منبر علمي آخر. إنه حفل تكريمي خُصص لتسليم جوائز الخطبة المنبرية التنويهية التكريمية، وهي بادرة كريمة من المجلس العلمي الأعلى تهدف إلى الاعتراف بجهود العلماء والخطباء الذين يسخرون وقتهم وجهدهم لخدمة المنبر وتعزيز الرسالة الدينية السمحة.
الحفل، الذي ترأسه العلامة الجليل الدكتور مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي الجهوي لجهة الشرق، لم يكن مجرد مناسبة لتوزيع الجوائز، بل كان بمثابة رسالة واضحة تؤكد على مكانة العلم والخطابة في المجتمع. فالمنابر ليست مجرد أماكن للوعظ والإرشاد، بل هي منصات لنشر الوعي، وتصحيح المفاهيم، وتوجيه الأمة نحو الخير والصلاح. إنها مواقع تربوية بامتياز، ومنها تنبع الكلمة الطيبة التي تغرس في النفوس حب الفضيلة والتمسك بالقيم.
حضور شخصيات رفيعة المستوى مثل رئيس مجلس جهة الشرق محمد بوعرورو، وعدد من العلماء والفقهاء والأئمة، بالإضافة إلى الفعاليات الدينية والثقافية، يعطي لهذا الحدث بعدًا أعمق. فهو يبرز التلاحم بين الجهات الرسمية والمؤسسات الدينية، ويؤكد على أن التنمية الشاملة للمجتمع لا تقتصر على الجوانب المادية فحسب، بل تشمل أيضًا الجانب الروحي والثقافي. هذا التكريم هو تقدير للجهود المبذولة في صون الهوية الدينية للمجتمع المغربي، وتقدير للخطباء الذين يعملون بصمت وبإخلاص لخدمة هذا الهدف النبيل.
إن المبادرات كهذه تشجع الجيل الجديد على الاهتمام بالعلوم الشرعية وتدفعهم نحو تحمل مسؤولية الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة. فالمنبر ليس فقط مكانًا للخطيب، بل هو أيضًا مكان للمستمع الذي يتلقى منه الإرشاد والتوجيه. لذا، فإن تكريم الخطيب هو تكريم للمستمع، وتكريم للرسالة التي يحملها هذا المنبر.
في الختام، يُعد حفل تكريم الخطباء بوجدة مثالًا يحتذى به في تقدير العلم والعلماء. إنه يؤكد على أن الأمة التي تعتني بعلمائها وتقدّر جهودهم هي أمة تسير بخطى ثابتة نحو مستقبل أفضل، مستقبل أساسه العلم، وقوته الأخلاق، ونوره منبر الرسالة.