بسم الله الرحمن الرحيم
(يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ، فَبِأَىِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) .” 35 ،36 الرحمن”
شواظ هى عبوة ناسفة فلسطينية (غزة) مضادة للدبابات والعربات العسكرية والأفراد، صنعت محلياً فى وحدة التصنيع التابعة لكتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكرى الجهادى لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)
بدأت صناعة العبوات الفلسطينية من بداية إنتفاضة الأقصى، وتطورت عبوة شواظ على مدار سنوات، وكان الإستخدام الأول للنسخة الأخيرة منها، والأشد تدميراً فى عام 2006 ضد دبابة ميركافا الصهيونية ” فخر الصناعى الصهيونية” فى منطقة الإسراء غرب بيت لاهيا، شمالى قطاع غزة.
نماذج شواظ من 1 الى 7 ، أوائل هذه النماذج (شواظ -1) كانت العبوة التى كانت تحتوى على أربعين كيلو جرام من المواد المتفجرة شديدة الإنفجار وتم تطوير هذه العبوات بسلسلة من العبوات الأخرى، ثم عبوة شواظ الثانية ثم الثالثة، الرابعة، الخامسة، السادسة، السابعة الى أن وصلنا الى آخر عبوة وهى عبوة شواظ.
عبوة شواظ (آخر نسخة -7-) تحتوى على ثلاثة كيلو ونصف من المواد المتفجرة شديدة الإنفجار، يمكنها إختراق حديد سمكه 38 سم فى تسع قطع كل قطعة سمكها خمسة سنتيمتر، المسافة بين العبوة وبين الحديد ستين سنتيمتر تقريباً دبابة، وتفجر العبوة، من خلال صاعق كهربائى، ولكنها تحتاح الى وضعها فى منطقة قريبة من بدن الآلية المدرعة.
ما معنى كلمة شواظ؟ الوهج أو الشُّواظ الشمسى أو ببساطة الشواظ (بالإنجليزية: Solar prominence)، هو شكل مشع غازى ضخم يمتد خارجاً من سطح الشمس، غالباً على شكل حلقى، يكون الوهج متصلاً الى سطح الشمس فى طبقة الميزوسفير، ويمتد الى طبقة التروبوسفير.
ظهرت عبوة “شواظ” التى تستخدمها كتائب القسام -الجناح العسكرى لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- قبل 20 عاماً، وقد دخلت الخدمة عام 2005، وطورت القسام هذه العبوة وصولاً الى شكلها الحالى الذى يزن 21 كيلوغراماً، ويمكنها إختراق ما يصل الى 65 سنتيمتراً من الحديد المصفح، لكن ما يميز عبوة “شواظ” هو طريقة تفجيرها من مسافة صفر حتى تحدث أكبر ضرر ممكن بالآلية المستهدفة.
طالما ذكرنا سلاح المقاومه الفلسطينية لابد من ذكر المهندس الشهيد يحيى عياش، يحيى عبد اللطيف عيّاش ويلقب بالمهندس (1966-1996) قائد، ومهندس متفجرات، ومهندس كهربائى، ومجاهد ومناضل فلسطينى، ومن أبرز قادة كتائب الشهيد عز الدين القسام … أغتيل بيد الصهاينة فى يوم الجمعة 5 كانون الثانى (يناير) 1996م، وذلك بعد أربع سنوات من وضع أسحق رابين ملف تصفية القائد القسامى على رأس أولويات حكومته السياسية والأمنية فقد وضع له جهاز الشاباك مادة متفجرة وصلت الى 50 غم فى تليفون محمول أخذه من صديقه أسامة، وأسامة أخذ التليفون من خاله وهو الوحيد الذى كان يعلم بأمر إختباء عياش.
يحيى عبد اللطيف عيّاش ويلقب بالمهندس (1966-1996) قائد، ومهندس متفجرات، ومهندس كهربائى، ومجاهد ومناضل فلسطينى، ومن أبرز قادة كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكرى لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) حتى إغتياله، ولد ببلدة رافات فى محافظة سلفيت بالضفة الغربية يوم الأحد الموافق 6 آذار (مارس) 1966، أصبح عضواً فى مدينة رام الله عندما كان طالباً فى جامعة بيرزيت، حاصل على شهادة البكالوريس فى الهندسة الكهربائية من جامعة بيرزيت عام 1993، إتهمته الصهيونية بأنه خلف الإنتقام العشرات المحتلين الصهاينة حيث كانت أول بصماته فى منطقة «رامات أفعال» بتل أبيب بعد العثور على سيارة مفخخة فيما إستمرت العبرية بمطاردته فى الفترة ما بين أبريل 1993 حتى إغتياله فى بيت لاهيا شمال قطاع غزة بتاريخ 5 يناير 1996 بإستخدام عبوة ناسفة زرعت فى هاتف نقال كان يستخدمه أحياناً، وقد تركز نشاطه فى مجال تركيب العبوات الناسفة من مواد أولية متوفرة فى الأراضى الفلسطينية، وطور لاحقاً أسلوب الهجمات الإستشهادية عقب مذبحة المسجد الإبراهيمى فى الخليل فى فبراير 1994 وقد شيع جثمانه نحو 100 الف شخص فى قطاع غزة.
ولد يحيى عياش عام 1966 فى بلدة رافات والتى تتوسط مدن نابلس ورام الله وقلقيلية وهو ينحدر من عائلة عرفت بتدينها وبساطة أفرادها وماضيها الجهادى، شاركوا فى الإنتفاضات والثورات الفلسطينية ضد الإنتداب البريطانى على فلسطين منذ وعد بلفور وحتى الثورة العربية الكبرى عام 1936 ووالده عبد اللطيف ساطى عياش – والذى يعمل بمهنة الزراعة ونقش الحجر- له إبنين بالإضافة ليحيى، هما مرعى الذى ولد عام 1969 ويونس الذى ولد فى عام 1975 ويوصف يحيى فى طفولته أنه كان هادئاً ولا يحب الإختلاط كثيراً بغيره من أطفال الحى أما والدته فهى عائشة عياش (تُوفيت فى 9 يونيو 2020 فى قرية رافات فى سلفيت)
تزوج المهندس إبنة خالته، هيام عياش، بتاريخ 9 سبتمبر / أيلول من عام 1991م. ولكن، سرعان ما طرق زوار الفجر منزله، وأصبحت القوات الخاصة الصهيونية وأعتى رجال الأمن والمخابرات الصهاينة من رواد البيت، فمضى يحيى مطارداً مطلوباً تاركاً وراءه زوجةً وإبناً أسماه (براء) تفتحت عيناه على الحياة فى 1 يناير / كانون الثانى عام 1993. ولم يلئتم شملهم مرة أخرى، الا بعد نحو عام ونصف حين نجح المهندس فى تخطى جيش المخبرين وضباط الشاباك والوحدات الخاصة التى كانت تداهم المنزل بإستمرار، وإنتقلت زوجته هيام مع براء الى قطاع غزة، وقد رزق المهندس قبل إستشهاده بيومين فقط، بإبنه الثانى الذي أسماه (عبد اللطيف) تيمناً بوالده، غير أن العائلة أعادت إسم يحيى إلى البيت حين أطلقت على الطفل عبد اللطيف إسم (يحيى)
وقد تخرج يحيى عياش مهندساً كهربائياً من جامعة بيرزيت فى شهر آذار (مارس) من عام 1993م، وهذا يعنى أنه قضى ثمان سنوات على مقاعد الدراسة الجامعية، ويعود السبب فى ذلك الى الإضرابات والإغلاقات المستمرة للجامعة ففى شهرى كانون أول (ديسمبر) من عام 1986 وكانون الثانى (يناير) من عام 1988 أصدر الحاكم العسكرى الصهيونى عدة قرارات بتعطيل الدراسة وإغلاق الجامعة، وقد غاب يحيى عن حفل التخرج فى الجامعة ولم يحضر مراسم تسليم الشهادات؛ فقد كان وقتها مطارداً ومطلوباً لجهاز الشاباك وتطارده قوات الإحتلال بسبب دوره فى التخطيط لعملية «رامات افعال» بتل أبيب فى تشرين الثانى (نوفمبر) من عام 1992.
وكانت بدايات المهندس مع العمل العسكرى ترجع الى أيام الإنتفاضة الأولى، وعلى وجه التحديد عامى 1990 و1991؛ حيث توصل الى مخرج لمشكلة شح الإمكانات المتوفرة وندرة المواد المتفجرة، وذلك بتصنيع هذه المواد من المواد الكيماوية الأولية التى تتوفر بكثرة فى الصيدليات ومحلات بيع الأدوية والمستحضرات الطبية، فكانت العملية الأولى بتجهيز السيارة المفخخة فى رامات أفعال بتل أبيب، وبدأت أثر ذلك المطاردة المتبادلة بين يحيى عياش ودولة الإحتلال وأجهزتها الأمنية والعسكرية وبعد تحقيق شديد وقاس مع أعضاء فى حركة حماس الذين إعتقلوا أثر العثور على السيارة المفخخة، طبع الشاباك إسم يحيى عبد اللطيف عياش فى قائمة المطلوبين لديها للمرة الأولى، ولذلك، داهمت قوات كبيرة من الجيش وحرس الحدود يرافقها ضباط ومحققون من الشاباك بلدات سلفيت وقراوة بنى حسان بحثاً عن زاهر جبارين، وعلى عاصى، إعتقاداً بأن أحدهما قد نجح فى التوصل إلى المعادلات الكيميائية.
وقد كانت بداية المهندس مع تفجير الحافلات بتركيب العبوات التى قدّر وزنها بأربعين كيلو غراماً من المواد المتفجرة ربطت بجهاز التفجير وأربع اسطوانات غاز لزيادة قوة التأثير، وحسب الخطة، وضع المهندس بمساعدة أبو إسلام، العبوات فى حافلة صغيرة من طراز (فان- فولكسفاغن) تحمل لوحات معدنية صفراء -اللوحات الصهيونية- إستولى عليها أحد أعضاء حركة حماس من مدينة تل أبيب مساء يوم الجمعة الموافق 20 تشرين الثانى (نوفمبر) 1992. وعليه، يعد هذا التاريخ بداية (قصة الحب التى يعيشها المهندس مع الحافلات الصهيونية)، كما يقول ألكس فيشمان فى مقاله الطويل الذى نشره فى صحيفة معاريف تحت عنوان (أعرف عدوك: المهندس هو المطلوب الأول) فى تشرين أول (أكتوبر) من عام 1994م.
تفجير داخل حافلة ركاب فى شارع ديزنغوف في مدينة تل أبيب نفذها الإستشهادى (صالح نزال) وهو مقاتل فى كتائب الشهيد عز الدين القسام بتفجير نفسه فى 19 تشرين أول 1994؛ مما أدّى الى مقتل 22 وجرح ما لا يقل عن 40 آخرين، وقد سعى رابين الذى قطع زيارته لبريطانيا فور سماعه الخبر وعاد لتل أبيب ليعقد إجتماعاً طارئاً لقادة الأجهزة الأمنية ومن ثم إجتماع للحكومة لدراسة الخطوات والإجراءات المضادة لحركة حماس، وصرح «أقول للخاطفين ومفجرى القنابل، إن قوات الأمن سيمسكون بكم عاجلاً أو آجلاً»
بدأ نجم عياش يسطع فى العام 1993 بعد أن إكتشفت أجهزة الأمن الصهيونية أن ذاك الشاب هو مهندس العبوات الناسفة والسيارات المفخخة، فشرعت بحملة مراقبة حثيثة ومداهمات يومية لبلدته ومنازل أقاربه وأصدقائه فى محاولة لإعتقاله، ولكن بعد إشتداد حملة المطاردة التى تعرض لها فى الضفة الغربية، قرر الإنتقال الى قطاع غزة للتمويه ولتدريب نشطاء كتائب القسام على صناعة المتفجرات، وعبر الجنرال جدعون عيزرا، نائب رئيس الشاباك السابق عن إعجابه بيحيى عياش ففى مقابلة مع صحيفة معاريف، قال الجنرال عيزرا: «إن نجاح يحيى عياش بالفرار والبقاء حولته الى هاجس يسيطر على قادة أجهزة الأمن ويتحداهم، فقد أصبح رجال المخابرات يطاردونه وكأنه تحد شخصى لكل منهم، وقد عقدت إجتماعات لا عدد لها من أجل التخطيط لكيفية تصفيته… لقد كرهته، ولكنى قدرت قدرته وكفاءته»
أغتيل فى يوم الجمعة 5 كانون الثانى (يناير) 1996م، وذلك بعد أربع سنوات من وضع أسحق رابين ملف تصفية القائد القسامى على رأس أولويات حكومته السياسية والأمنية فقد وضع له جهاز الشاباك مادة متفجرة وصلت الى 50 غم فى تليفون محمول أخذه من صديقه أسامة، وأسامة أخذ التليفون من خاله وهو الوحيد الذى كان يعلم بأمر إختباء عياش فى بيت أسامة، وكان يأخذ التليفون من أسامة ويعيده اليه وشك عياش يوماً فى إحتمال وضع اليهود لجهاز تصنت فى التليفون ففكه ولم يجد شيئاً، وكان عياش ينتظر مكالمة من والده صباح يوم الجمعة 5/1/1996 م وكان الخط المنزلى مقطوعاً فإتصل والده بالتليفون المحمول وعن بعد فُجِّر التليفون عن طريق طائرة كانت تحلق فى نفس الوقت، فتناثرت أشلاء عياش بعدما قطعت رقبته وتمزق نصف وجهه الأيمن حيث كان الهاتف.
وقد وضع الجنرال غيون ومساعدوه خطة تفصيلية لإغتيال المهندس، بعد أن إنتقل الى موقع متقدم فى مستوطنة نيسانيت القريبة من بيت لاهيا للإشراف بشكل مباشر على عملية التنفيذ حيث أقيمت غرفة قيادة أمنية ذات تجهيزات فنية عالية، وفى ذلك الموقع، إستعان رئيس جهاز الشاباك بخبراء وفنيين قاموا بتركيب بطارية خاصة صنعها القسم الفنى بالموساد فى جهاز التليفون الخلوى الذى إستعاده كمال حماد من إبن أخته فى أواخر كانون أول (ديسمبر) 1995. والبطارية الجديدة كانت فى الحقيقة بنصف حجمها العادى حيث وضعت المتفجرات التى يتراوح وزنها بين 40 و50 غراماً فى النصف الآخر، وكان كمال حماد قد دأب على التوجه الى المستوطنة وبعد أن إنتقل المهندس الى منزل أسامة حماد فى نحو الساعة (03:40) من فجر يوم الجمعة الموافق 5/1/1996 وقام بتأدية صلاة الفجر ثم ذهب للنوم، وحسب القصة التى يرويها أسامة حماد بعد ذلك، فإنه كان من المفترض أن يتصل والد المهندس على تليفون المنزل فى نحو الساعة الثامنة غير أن إتصالاً غريباً جرى فى ذلك الوقت حين إتصل كمال حماد فى الساعة الثامنة طالباً من إبن أخته فتح جهاز التليفون الخلوى لأن شخصاً يريد الإتصال به ثم قطع الخط الهاتفى، ولم يكن فى خط الهاتف البيتى حرارة بعد هذا الإتصال، وفى نحو الساعة التاسعة، إتصل والد المهندس مستخدماً الهاتف الخلوى حيث رفعت زوجة أسامة السماعة وسلمتها لزوجها الذى كان نائماً مع يحيى فى نفس الغرفة، فأيقظ أسامة المهندس ثم أعطاه السماعة وبعد (15) ثانية تقريباً، وفيما كان أسامة يهم بالخروج من باب الغرفة تاركاً المهندس ليحدث والده، سمع دوى إنفجار، فالتفت على الفور فرأى يد يحيى تهوى الى أسفل، وغطى الغرفة دخان كثيف، ليتبين بعد ذلك أن المهندس قد إستشهد. وقد كانت طائرة مروحية تابعة لسلاح الجو الصهيونى حامت فوق المنزل فى ذلك الوقت، يعتقد أنها كانت تقل ضابط الشاباك المسئول عن تفجير الشحنة الناسفة التى زرعت داخل جهاز الهاتف النقال، فما أن تأكد الضابط من تشخيص صوت المهندس عبر أجهزة الرصد حين قال لوالده: كيف حالك يا أبى، دير بالك على صحتك ولا تظل تتصل على الهاتف “، حتى ضغط على زر جهاز الإرسال لإرسال ذبذبة معينة لإنفجار العبوة الناسفة لاسلكياً، فوقع الإنفجار، وعلى الرغم من إنتقال روح الشهيد الى بارئها الا أن أثره لتحرير فلسطين العربية وأن القدس إسلامية مستمر حتى التحرير.