كتب / المستشار القانوني حاتم البنداري.
تعتبر مشكلة تحصيل الديون التجارية إحدى العوامل التي تؤدي إلى تعثر التاجر أو المؤسسات التجارية الصغيرة والمتوسطة الحجم، ومما ينتج عنها من أخطار كخطر الإفلاس أو التصفية، ومن العوامل التي تؤدي إلى هذه الأخطار تخلف عملاء التاجر عن الوفاء عند حلول موعد الاستحقاق. بالإضافة إلى حاجة التاجر أو المشاريع الصناعية أو التجارية إلى الاعتمادات المالية الاستمرار مشاريعهم مما يعني انتظار هم في الحصول على حقوقهم إلى حين أجل الاستحقاق، في الوقت الذي يكونون فيه بأمس الحاجة إلى تلك السيولة، مما يؤدي إلى انكماش مشاريعهم التجارية.
وتشكل مشكلة مماطلة المدين في سداد ديون دائنيه هاجساً يؤرق الكثير من الأفراد والشركات والمؤسسات على حد سواء، وعلى الرغم من أن هذه المشكلة ليست ظاهرة إلا أنها تحتاج إلى حلول من قبل متخصصين لتحصيل هذه الديون، خاصة أنها تؤدي إلى ضياع حقوق الدائنين ونهب أموالهم. وسنقسم موضوع بحثنا هذا إلى ثلاث مباحث: الأول وهو تحصيل الديون بالطرق والتسويات الودية والصلح بين الطرفين، والثاني هو التحصيل بالطرق القضائية والقانونية والتحكيم، أما الثالث والأخير فسنكتب فيه عن التنفيذ الجبري للسندات التنفيذية مثل: الأوراق التجارية، الأحكام، محاضر الصلح ونحوه.
المبحث الأول: تحصيل الديون بالطرق والتسويات الودية
تحتاج عملية تحصيل الديون سواء المستحقة أو المتأخرة أو المعدومة إلى دراية ومعرفة كبيرة بإجراءات ومراحل التفاوض وخبرة جيدة في هذا المجال تجعل القائم بأعمال تحصيل الديون كمكاتب المحاماة التي لديها القدرة على دراسة وضع حالة المدين ووضع خطة إجرائية وجدول زمني يتم من خلاله متابعته بشكل يومي حتى يتم تحصيل الديون المتعثرة بأسرع وقت ممكن، حيث تتعاون مكاتب المحاماة من خلال قسم الخدمات القانونية مع قسم القضايا في بادئ الأمر وذلك في المرحلة الأولية للتعامل مع حالات التعثر عن سداد الديون.
ويعد التحصيل بالطرق والتسوية الودية هي المرحلة الرضائية لتحصيل الديون من المدين إذا وضح لنا جلياً بأنه غير قادر على سداد كامل المبالغ المستحقة، فقد يحتاج الأمر إلى تسوية محتملة تفوق مزايا الدفع الفوري (بسعر مخفض). وبالتالي تحتاج إلى مكتب محاماة متخصص من أجل صياغة اتفاق تسوية ودية متبادلة بين الطرفين من أجل ضمان سداد الدين كاملاً أو في شكل أقساط بمدد محددة بين الطرفين ضمن الاتفاق.
تعريف التسوية الودية
عرفت التسوية الودية بأنها: “عقد بين المدين المتوقف عن الدفع وبين دائنيه يتضمن التنازل عن جزء من الديون أو منح آجالاً للمدين للوفاء بها أو الأمرين معاَ”.
فعند شعور المدين -خاصة إذا كان شركة- باختلال أحواله واضطراب شؤونه المالية، والتخوف من عدم وفائه بالديون في مواعيد استحقاقها؛ فقد يسعى إلى إعلام الدائنين بظروف الشركة ومحاولة إقناعهم بمنحه أجلاً جديداً للوفاء بالديون وذلك قبل أن يتم عرض أموره على القضاء الذي يمكن من خلاله اللجوء لتسوية قضائية مع الدائنين بغية الاستمرار في نشاطها وإيقاف المطالبات القضائية بحقها. فقد تلجأ الشركات خاصة المساهمة العامة المتعثرة إلى التسوية الودية من خلال إبرامه عقود مع الدائنين لتتجنب الدخول في نزاعات قضائية واغتنام الوقت اللازم لتسوية أوضاعها المالية وخروجها من حالة التعثر التي تعاني منها