متى يرى العالم أطفال الشوارع ….؟

admin 01
مجتمع
admin 011 ديسمبر 2022آخر تحديث : منذ سنتين
متى يرى العالم أطفال الشوارع ….؟

كتبت فاطمة إبراهيم محرره صحفيه بجريدة الأنباء 24 الكنديه العربية

تعتبر ظاهرة أطفال الشوارع واحده من أكثر الظواهر خطورة في المجتمع , لكونها قنبلة موقوته تنفجر في وجه المجتمعات الناميه والمتقدمه على حد السواء, وتعتبر تهديداً في وجه أي تقدم تسعى له الدول , حيث بلغ عدد أطفال الشوارع في العالم طبقاً للإحصائيات 120 مليون طفل , و مع تزايد هذه الظاهره يزداد حجم الجهل والأميه والانحدار الاخلاقي والسلوكي في المجتمع , وتزداد جرائم السرقة وحيازة المخدرات وأعمال العنف والشغب , مما يعوق تقدم الدول بسبب إهدار العنصر البشري الذي من المفترض ان ينهض بالدولة لاحقاً , وهي أيضاً البيئة المناسبة لظهور الأمراض النفسية والأوبئة المعديه.

images 2022 12 01T212946.796 - الأنباء 24
في تعريفها الأمم المتحده لأطفال الشوارع بأنهم أي ولد أو بنت يتخذون الشارع مقر إقامه أو مصدر للرزق دون أن يتمتعوا بإشراف أو توجيه أو حمايه من أولياء الأمور , مما يفقدهم ابسط حقوقهم المشروعه في الحياة مثل التعليم والحقوق الصحية بل قد يتطور الأمر الى عدم تسجيل بعضهم في السجل المدني للدولة , وفي علم الاجتماع فقد وضع علماء الاجتماع تعريفات لهذه الظاهرة على أنهم الفئة التي تقل أعمارهم عن 18 سنة وفي دراسات أخرى الى سن 15 سنة , ويمارسون حياتهم المفترض ان تكون طبيعية في الشوارع بدلاً من البيوت .

تقسم اليونيسيف فئة أطفال الشوارع الى ثلاث فئات :
اولاً القانطين في الشوارع :
– وهم الذين يعيشون في الشارع دائماً في المباني المهجوره والحدائق العامه والأرصفه وتكون علاقتهم بأسرهم منقطعه
ثانياً العاملين في الشوارع :
– الذين يقضون ساعات طويلة في الشوارع في أعمال مختلفه , مثل البيع المتجول أو التسول وقد يعودون ليلا الى بيوتهم او يقضون الليل في الشارع
ثالثاً اُسر الشوارع :
– وهم الأطفال الذين يعيشون مع أسرهم في الشارع , ومعظمهم يعملون في الشارع منهم من هم مجبرين ومنهم للمساهمه في دخل الأسرة .

لو نظرنا في أسباب انتشار مثل هذه الظاهرة في العالم , فهناك جانبان جانب أسري وجانب اجتماعي , باعتبار الاسرة والبيئة المحيطة بالاولاد هما الركيزتين الاساسيتين في التأثير على الاطفال .
تعتبر العائلة هي أهم وحدة في بناء المجتمع , فكلما زاد الترابط الأسري في المجتمع الواحد قلت المشاكل النفسية وقل ظهور أطفال الشوارع , فالطلاق والتفكك الأسري يجعل من المنزل بيئة منفرّة لأفراده بدلاً من كونه مسكن لهم , وكثرة خلافات الأبوين وإهمالهم لأطفالهم ، ورمي كل منهما مسؤوليته على الطرف الآخر يُفقد الأطفال الأمان الأسري ، ويشعرهم بالضياع مما يؤدي إلى تشتتهم ودفعهم الى الشارع , فعامل جهل الأباء والامهات بمسؤولياتهم بل وممارستهم العنف على انه وسيلة تربية يجعل من المنزل المفترض ان يكون بيئة هدوء وسكينه للطفل كالجحيم ، فيُفضل الهرب الى الشارع , وبنمو الأطفال يظهر شغفهم باكتشاف العالم الخارجي والاضطلاع عليه , ويظهر لديهم الاحساس بالرغبة في الاستقلاليه والميل للحرية والهرب من القيود الأسرية أو الحرمان العاطفي لتلبية هذا الاحتياج.

التخطيط الأسري السئ وعدم تنظيم الأسرة يكون بمثابة عامل ضغط على الأبوين , فيجعلهم مقصرين في واجباتهم بسبب كثرة عدد الأولاد , كما يشكل ضغطاً مادياً عليهم لما تتطلبه هذه المرحلة من عناية مستمرة ورعاية للاطفال , ويزداد هذا الضغط كلما ساءت الظروف المعيشية للأسرة فلا يستطيعون توفير الاحتياجات الأساسية لهم من مأكل وملبس ومشرب , مما يدفع الاطفال في صغر سنهم للخروج والبحث عن العمل ، في حين انه من المفترض في هذه المرحلة ان يتمتعون بالرعاية الجيده ، ويحظون بالتعليم الذي يؤهلهم لأن يكونوا افراداً واعيه في المجتمع , وهذا ما نراه في حالة الاطفال اليتامى الذين اختبرتهم الحياة بحرمانهم من أهاليهم , وأطلقتهم للعالم الخارجي في سن مبكرة .

قد يلجأ الأبوين في تعاملهم الى التمييز بين أولادهم أو تفضيل شخص على حساب أخوته , مما ينمي ضغينة الحقد والنفور بين افراد الأسرة الواحده , وتؤدي معاملة الأطفال بقسوة , واعتبارهم كعبأ من الأبوين إلى إحساس الطفل بأنه غير مرغوب فيه , ويفقد ثقته في نفسه ويعتقد انه اذا اختفى فسيكون هذا هو الحل الأمثل للمشكلة , كما يتأثر الأطفال بمجال عمل أبائهم , حيث في هذه المرحلة ينظرون لهم كقدوة , فيقلدون أفعالهم وأقوالهم ويتعلمون منهم حرفتهم , ففي هذه المرحلة يكونون على قدر غير كاف من الوعي والإدراك لتمييز الصواب من الخطأ او التفكير ولو للحظة في صحة تقليد هذا العمل .

تؤثر البيئة المجتمعية المحيطة بالطفل على سلوكه , فإذا كبر في بيئة إنتاجيه عامله سيتطبع بهذه الصفات , ووجود الاطفال في بيئة منحرفة يخلق لديهم ميول انحرافيه وينشئ طفل غير سوي أخلاقياً , بعكس وجوده في بيئة متعلمة واعيه ، سيخلق لديه حب القراء وشغف العلم والمعرفة ، فينشئ قادراً على تحليل ومواجهة المشكلات التي تواجهه وعدم الاستسلام من اول عثراته ، كما تلعب التغيرات المناخية والحروب دوراً في نمو هذه الظاهره ، حيث فقد كثيرون منازلهم وترشدوا في الشوارع بسبب الحروب القائمه بين البلدان كما نرى في حرب روسيا وأوكرانيا .

ينتج عن ظاهرة أطفال الشوارع الكثير من المشكلات التي تلحق بالأطفال أنفسهم والمجتمع ككل , فبوجود هذه الظاهرة ينتشر معدل الأميه والجهل , فشخص واحد أمي غير مقدر لقيمة التعليم سينشئ افرادا غير قادره على التعلم ومواكبة التقدم الحضاري , مما سيعوق من نمو ونهوض الدول ، لعدم وجود افراد قادرين على الابتكار والتفكير السليم , كما تشكل هذه الظاهرة تهديداً لأمن الدول , فبوجود هؤلاء الاطفال بدون حسيب او رقيب في المجتمع واختلاطهم بمن هم اكبر منهم سناً , يجعلهم ينخرطون في شبكات منظمة من العصابات التي تعمل في السرقة , كما يعمل بعض البالغين على استغلالهم لتحقيق مصالح شخصية سيئة وتوجيههم للفساد .

وجود الطفل في الشارع او حتى في سوق العمل منذ نعومة أظافره تؤثر فيه بالسلب , فهو غير مهئ نفسياً او بدنياً لهذا العمل كون نموه لم يكتمل بعد , فيكبر ساخطاً على الحياة وينمو لديه مشاكل نفسية مثل الانحراف والتشبه بالكبار ويفقد براءته وطفولته , ويفقد ثقته بالآخرين بسبب كثرة تعرضه للاستغلال والتجرد من الحد الأدنى للقيم والاخلاق , كما يعانون من المشاكل الصحية والأمراض لعدم حصولهم على التغذيه السليمه او المكونات الغذائية اللازمة لنموهم في هذا العمر , وينمو متعلماً للعادات السيئة والانحراف السلوكي وعدم القدرة على التكيف مع المجتمع لعدم شعوره بالانتماء للأسرة او المدرسة , وتنمو لديه نزعة الشغب والعنف والعدوانيه .

قدم العديد من الباحثين والمهتمين بدراسة الظاهرة حلول مختلفة لحل هذه الظاهرة , فمنهم من رأى أهمية انشاء مراكز وجمعيات مختصه بهؤلاء تحرص على رصد الظاهره وحلها بالتواصل المباشر معهم في الشارع ومحاولة بناء صداقة معهم لبث الطمأنينة وإقناعهم بترك الشارع والعيش بالمراكز ،
آخرون اقترحوا إعادة تأهيل هؤلاء الأطفال نفسيا وصحيا ، ومحو أميتهم بالحرص على اعادتهم المدرسة لإكمال تعليمهم , وتغذية الجانب الاخلاقي لهم من خلال غرس مبادئ وقيم انسانية , وحماية حقهم في اللعب فهو من أبسط حقوقهم وأهمها وذلك عن طريق تأمين صالات ألعاب لهم , كما يلعب الاعلام الدور الاهم في التوعية والتحذير من هذه الظاهرة ورفعي الوعي لدى الافراد للانتباه الى اطفالهم للحد من هذه الظاهرة ، وتسعى العديد من المنظمات مثل اليونيسيف التي أنشأت بعد الحرب العالميه الثانيه لحماية حقوق الأطفال ، الى إيجاد حلول وتوفير مساكن وملاجئ لهؤلاء الأطفال .
images 2022 12 01T213013.928 - الأنباء 24

وانا ارى ان لحل هذه المشكلة يجب البحث في أساسها الا وهو عدم وجود الوعي الكافي لدى الاباء والامهات او المقبلين على خطوة الزواج بمسؤوليتهم تجاه الاطفال , كما ان غياب دور مؤسسات المجتمع المدني في بحثها عن حل لتلك المشكلة ، بل والسعي لاحتضان اكبر عدد منهم وتوفير الفرص المناسبة لهم وتقديم يد العون ، كما يجب الاهتمام بثقافة تبني الأطفال ومنحهم فرصة للحياة ، فتتبنى الأسر المستقرة مادياً هؤلاء الأطفال و تربيتهم كأبناءه‍م ، بل وأيضاً على الشركات او المحلات الكبرى ان تمنح الفرص لهم لتأسيسهم لفهم أصول الصنعه وتوفير فرص تعليم مناسبة لهم في نفس الوقت …

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.