كتبت: رنا مجدى محمود. قصر عابدين تحفة تاريخية نادرة، ومن أشهر القصور المصرية، وشهد هذا القصر الكثير من الأحداث التاريخية المهمة منذ العهد الملكي وحتى قيام ثورة يوليو 1952، ويعد من أهم وأشهر القصور التي شيدت خلال حكم أسرة محمد علي باشا لمصر.
وتعتبر عائلة عابدين من أشهر العائلات المصرية، والتي ترجع أصولها للعاصمة السورية دمشق، وترجع شهرة العائلة لـ “عابدين بك” من القادة العسكريين في عهد محمد على باشا.
و كان يمتلك قصراً صغيراً في مكان القصر الحالي فاشتراه إسماعيل من أرملته وهدمه وضم اليه أراضي واسعة ثم شرع في تشييد هذا القصر. هذا هو قصر عابدين ، الذى تحول من الملكية الى الجمهورية ، القصر الذى تعاقب عليه 6 ملوك ، والذى اتخذه بعد ذلك الرئيس السادات مقراً للحكم بعد ان تركه الرئيس جمال عبدالناصر الى قصر القبة بمنشية البكري ، وجدده الرئيس محمد حسني مبارك ليشهد بعظمة مصر وتاريخها القديم والجديد.
وشهد قصر عابدين العديد من الاحداث الساخنة.. والمؤثرة في تاريخ مصر.. وكانت نقطة تحول انتهت بثورة يوليو عام1952 .. ومن أهم الأحداث مظاهرة 9 سبتمبر عام 1881 بقيادة الزعيم احمد عرابى الذى قدم فيها مطالب الامة والجيش ، ونزل الخديوى توفيق على سلالم القصر ، وطلب كبير الياوران ان يترجل عرابى عن فرسه فرفض ، وقال كلمته المأثورة” لقد خلقنا الله أحراراً ولم يخلقنا تراثاً أو عقارا”
والحدث الثاني المهم هو حادث 4 فبراير 1942 حين أصر السفير البريطانى على تولى مصطفى النحاس رئاسة الوزراء، لدرجة انه وجه إنذاراً للملك فاروق، بتدخل بريطانيا في شؤون مصر ان لم يعينه قبل السادسة مساء.. وتقدمت الدبابات البريطانية وقابل السفير البريطانى الملك فاروق.. وخيره بين تولى النحاس الوزارة او التنازل عن العرش، فما كان من فاروق الا أن امر بتعيين النحاس رئيساً للوزراء . ومن الاحداث المهمة والساخنة كذلك في تاريخ مصر التي شهدها القصر، هي الأزمة التي نشبت بين محمد نجيب وجمال عبدالناصر.. والمعروفة بأزمة مارس عام 1954 بعد قيام الثورة، حيث شهد هذا العام تقديم محمد نجيب استقالته في 25 فبراير، ولما تراجع عنها عاد للقصر ووقف بالشرفة والتف حوله المتظاهرون في شعارات تعارضه آنذاك
يحتوى القصر على قاعات وصالونات تتميز بلون جدرانها فالصالون الأبيض والأحمر والأخضر تستخدم في استقبال الوفود الرسمية أثناء زيارتها لمصر، إضافة إلى مكتبة القصر التي تحوى نحو مايقرب من 55 ألف كتاب. كما يحتوى القصر على مسرح يضم مئات الكراسي المذهبة وفيه أماكن معزولة بالستائر خاصة بالسيدات ويستخدم الآن في عرض العروض المسرحية الخاصة للزوار والضيوف. ويوجد بداخل القصر العديد من الأجنحة مثل الجناح البلجيكي الذي صمم لإقامة ضيوف مصر المهمين، وسمي كذلك لأن ملك بلجيكا هو أول من أقام فيه، ويضم هذا الجناح سريراً يعتبر من التحف النادرة نظراً لما يحتويه من الزخارف والرسومات اليدوية.
ويضم القصر متحفا في غاية من الثراء التاريخي حيث كان أبناء وأحفاد الخديوي إسماعيل الذين حكموا مصر من بعده مولعين بوضع لمساتهم على القصر وعمل الإضافات التي تناسب ميول وعصر كل منهم، وقد تم ترميمه ترميماً معمارياً وفنياً شاملاً، وقد شملت هذه الأعمال تطوير وتحديث متحف الأسلحة بإعادة تنسيقه وعرض محتوياته بأحدث أساليب العرض مع إضافة قاعة إلى المتحف خصصت لعرض الأسلحة المختلفة التي تلقاها رؤساء مصر من الجهات الوطنية المختلفة.
أما المتحف الثاني بالقصر فهو مخصص لمقتنيات أسرة محمد علي باشا من أدوات وأواني من الفضة والكريستال والبلور الملون وغيرها من التحف النادرة. وقد ربط مجمع للمتاحف المتنوعة بخط زيارة واحد يمر من خلاله الزائر بحدائق القصر
قصر عابدين: تحفة تاريخية نادرة .
رابط مختصر