كتبت رؤى أمين المحررة الصحفية بجريدة الأنباء 24 الكندية العربية
تقول أمي أني يجب أن أوقن انا أيضاً مثلها بالشفاء التام، فأخبرها أني عاجز عن ذلك (..)فهل سيكفي يقينها ليغطي على نقص يقيني؟ هذا ما ستجيبه الأيام القادمة، والتي آمل أن أواجه ظلامها متسلحاً بضوء شمسي وقمري …
(من مقالة : شمس و قمر في مهمة إنقاذ-محمد أبو الغيط)
رحل أمس عن عالمنا الطبيب و الكاتب الصحفي / محمد أبو الغيط ، أحد أعلام الصحافة الإستقصائية في مصر و الوطن العربي عن عمر يناهز 34 عامًا ، و الذي كان رحيله صدمة كُسرت بها قلوب محبيه من القراء و الصحفيين الزملاء ، و كان سبب فقدنا له هو مرض السرطان ، و الذي رغم قوة محمد و تمسكه بالحياة إلا أنه لم يستطع الصمود أمامه وقت أطول من ذلك .
ولد محمد أبو الغيط في محافظة أسيوط ، و عمل كطبيب في أحد المستشفيات بالقاهرة من بعد تخرجه من كلية الطب ، إلا أنه قد عدل عن مهنة الطب و أمتهن مهنة الكتابة أولًا و من ثم الصحافة ، إذ كانت بداية محمد هي كتابته للقصص القصيرة و مقالآت الرأي على المدونات ، حتى أصبح صحفيًا يعمل بجريدة الشروق المصرية ، و أستمر ذلك حتى عام 2014 ، و هذا إلى أن قرر الرحيل هو و زوجته إلي المملكة المتحدة البريطانية و التي ظل مقيم بها حتى وفاته .
كانت من أكثر مقالآت أبو الغيط إنتشارًا : مقالة (الفقراء أولًا..) و مقالة (موسم الموتى الأحياء) ، و التي كانت الأخيرة هي سبب فوزه بجائزة (سمير قصير ) لحرية الصحافة ، كما أنه ظل يكتب حتى و هو يعاني من هذا المرض اللعين ، إذ كان أخر ما كتب هو كتاب (أنا قادم أيها الضوء) و الذي نشر منه بعض الفصول المنفصلة منذ أيام و سيصدر كاملًا قريبًا عن دار الشروق ، ولكن لن يستطع بكل أسى أبو الغيط رؤيته ؛ و ذلك بجانب مشاركته في بودكاست 11 ، و الذي كان يعتبر مساحة حرة للحديث السياسي .
و كانت مواقف محمد أبو الغيط السياسية واضحة ، إذ كانت كلمات البعض إنه إن كان لايزال في مصر حتى الآن ؛ لكان اسمه بشكل أكيد سيندرج تحت قائمة الاسماء التي ستسلم من أجل العفو الرئاسي ، و ذلك بسبب إنتقاده المستمر و الواضح لسياسة الدولة و من دون خوف أو تراجع .
إن محمد أبو الغيط لم يكن فقط صحفي بارع في مجاله ، بل كان إنسانًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى ؛ طبقًا لكلمات الأشخاص من حوله ، فقد عبر محبيه عن حزنهم لفقده بتبني مقولة “سلام على كل هين لين سهل لا يشقى بصحبته أحد ” ، و صارع على نعيه زملائه أمثال الصحفي (بلال فضل ) ، و إعلاميين مثل ( لميس الحديدي ) ، و ( محمد ناصر ) ، و ذلك إلى جانب ما قدمته نقابة الأطباء و الجرائد من إظهار الحزن على فقده .
و بكل أسى و ألم نعلن حزننا و نعينا لرحيل الدكتور (محمد أبو الغيط) ، و الذي سيظل دائمًا مثال حي للكاتب و الصحفي العظيم ، الذي لم توقفه السياسات ، و لم يوقفه المرض ؛ و سيبقى حاضرًا في أذهان الصحافة المصرية و العربية رغم رحيله ، الذي يطمئن قلوبنا أنه رحيل نحو الضوء .