إدارة الحوار/ عبدالرحمن فتحي عبدالنعيم محرر صحفي بجريدة الأنباء 24 الكندية العربية.
ترتسم في سماء الأدب بصمات الكتاب الذين يتحدين الصعاب ويبحثون عن الجمال في عمق الكلمات، ومن بين هؤلاء الكتاب، تبرز شخصية استثنائية تتلألأ بإبداعها وتميزها، إنها الكاتبة الروائية الشابة دعاء مصطفى الشريف، رغم الصعاب التي قد تعترض طريقها، إلا أنها تؤمن بقاعدة بسيطة: “الصعوبات قد تكون موجودة، ولكن لا يوجد شيء مستحيل”.
واليوم، في هذا الحوار الصحفي، سنخوض في حديثٍ مع دعاء مصطفى لتشاركنا قصتها وتجربتها الرائعة في عالم الكتابة، لتلقننا دروسًا قيمة عن الإصرار والتفاؤل وأهمية التغلب على التحديات في سبيل تحقيق الأحلام، كما أننا سنتعرف علي ما يحفزها على الابتكار والتألق في عالم الأدب.
1- هل يمكنك أن تقدمِ لنا نبذة مختصرة عن نفسك وخبرتك في مجال عملك؟
دعاء مصطفى الشريف، حاصلة على درجة البكالوريوس في تخصص الدراما والنقد المسرحي من كلية الآداب بجامعة عين شمس، لدي خبرة في الكتابة والنقد الفني، وأقوم حاليًا بدراسة الإرشاد النفسي وتعديل السلوك، بالإضافة إلى اللايف كوتشينغ بكلية البنات جامعة عين شمس.
2- ما الذي دفعك لتصبحي كاتبة روائية؟ ومن أين تستمدّين إلهامك لكتابة القصص؟
منذ صغري، بدأت أكتب، حيث كانت الكتابة بالنسبة لي عبارة عن وسيلة للتعبير عن الواقع بشكل عام، ومع مرور الوقت، اكتشفت شغفي العميق بالكتابة، وأدركت أنها أصبحت جزءًا لا يتجزأ من وجودي، وتطورت من كتابة الخواطر والقصص القصيرة إلى كتابة الروايات.
3- ما هو عملك الأخير وما هي قصته؟ وما الرسالة التي تودين إيصالها من خلال هذا العمل؟
في أحدث أعمالي الأدبية، “انتحار السيدة روتشيلد”، التي عُرضت في معرض الكتاب لعام 2024، تنقلنا أحداث الرواية إلى جزيرة سكاي في اسكتلندا، حيث يُرتكب جريمة غامضة يُقابلها القارئ بالتساؤل حتى النهاية.
ومن خلال تطور الأحداث، نكتشف كيف يمكن للبشر العيش في جو من الخداع والتلاعب دون أن يدركوا، وكيف يمكن أن نتحول من أشخاص يبدون عاجزين عن فعل أي شيء إلى أشخاص يتجاوزون التوقعات بسبب الظروف القاسية والخيبات.
إضافة إلى أن الرواية ترسم صورة للإنسانية عندما تُجسد في شخصية الشيطان بمعناها الحقيقي، ومن أعمق رسائل الرواية مقولة جاءت على لسان أحد الأبطال ” احترس من فلسفة هؤلاء القادرين على إيذاء أنفسهم، فأنت لا تعرف إلى أي مدى من الألم قد وصلوا”.
4- هل لديك أسلوب كتابي محدد أم تستكشفين أساليب مختلفة في كتابة رواياتك؟
أنا أكتب في مجال أدب الجريمة والأدب النفسي، وأنا مهتمة بفهم النفس البشرية والدوافع النفسية وراء الجرائم، ولذلك أسعى إلى التعمق في دراسة هذا المجال النفسي.
5- ما هي روايتك المفضلة التي كتبتها حتى الآن؟ وما الذي يميزها بالنسبة لك؟
كل عمل لي يحمل طابعًا فريدًا، ويأتي مع ظروفه وفكرته الخاصة، فعلى سبيل المثال، رغم أن “جريمة منتصف الليل” تختلف تمامًا عن “انتحار السيدة روتشيلد” في الفكرة والحبكة والمعالجة بشكل عام، إلا أنني أجد أن “انتحار السيدة روتشيلد” تتمتع بنضج أكبر في الكتابة، من وجهة نظري.
6- كيف تتعاملين مع التحديات أثناء عملية الكتابة؟ وما هو أكثر شيء يثير تحفيزك لكتابة رواية جديدة؟
خلال مرحلة الكتابة يمر كل كاتب بالعديد من التحديات مع نفسه حتى يصل بالفكرة المتداولة في ذهنه بشكل ملائم على الأوراق، وحتى يحدث ذلك اتعامل مع الكتابة على أنها رحلة بها شد وجذب، وأحاول الاستمتاع بكل تفاصيلها التي تنتهي بانتهاء العمل، وما يحفزني علي كتابة رواية جديدة هو حضور الفكرة، فعندما تراود الكاتب الأفكار تبدأ الرحلة.
7- هل تعتمدين على الأبحاث في كتابة رواياتك؟ وما هي الخطوات التي تتبعينها لضمان دقة المعلومات في أعمالك؟
نظرًا لتخصصي في مجال الجريمة والأدب النفسي، يتعين عليّ مراجعة مجموعة متنوعة من المواد مثل الطب الشرعي والقانون الجنائي، والاطلاع على الكتب ذات الصلة بالقانون، وذلك لضمان دقة المعلومات.
ولتحقيق ذلك، أستمد المعلومات من أشخاص ذوي ثقة، أو أقوم بمراجعة العديد من المصادر حتى أتمكن من الحصول على التفاصيل الدقيقة.
فعلى سبيل المثال، قبل البدء في كتابة رواية “السيدة روتشيلد” التي تجري أحداثها في اسكتلندا، قمت بالتفرغ لفترة طويلة لدراسة البلد بشكل شامل، بما في ذلك حالة الطقس والقوانين ونظام التحقيقات، وحتى الأكلات المحلية المفضلة لسكانها، وكانت النتائج إيجابية، حيث شعر القراء بأنني نقلتهم بالفعل إلى رحلتي.
8- كيف تشعرين عندما تنتهي من كتابة رواية؟ وما هو الشعور الذي تشعرين به عندما تشاهدين قراءتها من قبل الآخرين؟
اختتام الرواية يشبه انتهاء مرحلة الثانوية العامة وانتظار النتيجة، وعندما أستقبل تعليقات القراء، يشعرني ذلك بالنجاح بشكل خاص، خاصة عندما تلامس كلماتي قلوبهم.
9- هل لديك نصائح للكتّاب المبتدئين الذين يسعون لتطوير مهاراتهم في كتابة الروايات؟
دائمًا ما أشدد على أهمية أن الموهبة وحدها لا تكفي في مجال الكتابة، لذا بجانب الشغف والموهبة، ينبغي على الكاتب أن يعمل على تطوير نفسه باستمرار، سواء من خلال الورش الخاصة بالكتابة، أو من خلال القراءة والاطلاع المستمر، ليصقل مهاراته بشكل متواصل، بالإضافة إلى ذلك، يجب على الكاتب الكتابة بانتظام وباستمرار بهدف التدريب وتحسين مستواه، دون التركيز الحصري على النشر فقط.
10- ما هي أهمية القراءة بالنسبة لك ككاتبة؟ وهل تؤثر الكتب التي تقرأينها على أسلوبك الكتابي؟
القراءة تُعتبر مفتاحًا للعالم بالنسبة للشخص العادي، وما بالك بالكاتب؟ فعندما تصبح قارئًا للكتب، فإنك تلتقي برفيق لا يتزعزع، يضيء لك الطريق في ظلال الليل، ويأخذك في رحلات استكشافية لأماكن بعيدة تزورها بخيالك، ويحرك وجدانك، وينمي وعيك، ويجعلك تنضج قبل الأوان.
فالكتب كنز لتوسيع آفاقك، وتنظيم أفكارك، واكتساب مهارات فنية ولغوية، والتعرف على ثقافات مختلفة، وبالطبع، تؤثر الكتب بشكل فعّال على كل كاتب، لكن ينبغي لكل كاتب أن يمتلك طابعه الخاص وأسلوبه الفريد.
11- هل هناك شيء تريدين إضافته بخصوص هذا الحوار؟
أرغب في التأكيد على أن الصعوبات قد تكون موجودة، ولكن لا يوجد شيء مستحيل، لذا يجب عليك أولاً أن تثق بنفسك حتى يثق بك العالم، ولتحقيق ذلك، يتعين عليك أن تُعِد نفسك جيدًا لرحلة الكتابة، وتستمتع بها بشغف، بغض النظر عن التحديات.
فالنجاح الحقيقي والفرحة بوصول كلماتك إلى قلوب القراء تستحق الانتظار والصبر، كما يجب أن لا تتسرع في النشر إلا عندما تكون واثقًا تمامًا من أن عملك سيكون جاهزًا ليرى النور بشكل لائق.