بقلم / فيبي فرج
احتفاء السينما الكنديةتجاوزت مخاض الإقلاع لتعيش فترة ازدهار الصناعة السينمائية وحصد الاعتراف الدولي في المحافل الكبرى.
لقد ظلت السينما الكندية التي شهدت على غرار العديد من البلدان دهشة اكتشاف الفن السابع في بدايات القرن العشرين، تعيش في ظل امبراطورية هوليود، التي شكلت ذائقة جمهورها وجعلت كندا سوقا مستهلكة لمنتجاتها، تدير ظهرها للمواهب المحلية ولا تتيح فرصا لنمو نموذج اقتصادي محفز على الاستثمار والابداع.
لكن عقدا بعد آخر، تغيرت الذهنيات وتحرر المشهد المحلي، صناعا ومبدعين وجمهورا من عقدة هوليود، بالتزامن مع نضج البنيات المؤسساتية والمادية الحاضنة لتطور الإنتاج، فجاءت سنوات التسعينيات وبداية الألفية، لتحفر لهذه السينما موقعا في خريطة الفن السابع.
الصدى الواسع الذي لقيه فيلمه “غد جميل” (1997) بإدراجه ضمن ترشيحين للأوسكار وحصوله على جائزة لجنة التحكيم بكان، الفضل في رفع الستار عن الإبداع السينمائي الكندي أمام العالم. وجاء زاكاريا كونوك ليمنح كندا جائزة الكاميرا الذهبية في مهرجان كان عام 2001، عن فيلمه الشهير “أتانارجوات” (أسطورة الانسان السريع) مضفيا على هذه السينما طابعا اثنيا يشتغل على التنوع الثقافي في البلاد ومصير الإنسان أمام هجمة التكنولوجيا في القرية الكوكبية التي لم يكن منظرها سوى الكندي مارشال ماكلوهان.
بأفلام مثل “قصة عنف” (2005) و “وعود الظل” (2007) للمخرج الكبير دافيد غرونينبرغ، بات الإنتاج السينمائي الكندي يزاحم أفلام هوليود في شعبيتها داخل القاعات المحلية، خصوصا في الكيبيك.
مواهب كندا ستسطع في هوليود، وفي مقدمتها أتوم إيكويان الذي قدم فيلما ناجحا في الدراما والتشويق “كلوي” (2010) مع النجوم جوليان مور وليام نييسن و “عش الشيطان” (2013) مع النجم كولين فيرث.
وبموازاة الأفلام التخييلية، فإن كندا قدمت نموذجا ملفتا في صناعة الفيلم الوثائقي وإبداعيته ودوره أيضا في تقديم مرايا لمجتمع شديد التنوع الثقافي واللغوي، يسائل باستمرار هويته ويحاول فهم متغيراته السريعة.
لكن لا يمكن الحديث عن السينما الكندية دون الوقوف عند هرمها الكبير جيمس كاميرون مخرج فيلمي “تيطانيك” و”أفاتار”، اللذين حققا أكبر نجاحين في تاريخ السينما، كنموذج لحنكة المخرجين الكنديين ومدى قدرتهم على تأكيد أنفسهم لدى الجمهور العالمي.